أنا الذي لا أساوي شيء و في الطابق السفلي حياتي و مماتي .
رجل تركه الزمن على الهامش
دوره سهل و معروف لا يحتاج لمن يلقنه أبجديات أو حروف
يفعل ما يطلب منه و ينفد الأوامر بسكوت
لا يحتج و لا يطلب بحق
حامد شاكر لله يتمنى العيش في سلام
كلما إقترب منه الظلام تزحزح شبراً في ناحية النور و الوضوح
يحب الصفاء و النقاء و الصدق و الإخلاص ...
لا يحلم بالقصور لأنه راضي بعشه الشبيه بالقبور
هو ذلك العامل البسيط الذي بعرقه و جهده تبنى القصور و الأبراج و عند إكتمالها يخرج من الباب الخلفي لتسكنها فئة لا تعرق إلا في حمامات السونة و قاعات الرياضة الفاخرة .
و
الإسكافي الذي يخيط الأحذية ، يذبل نظره يوماً بعد يوم إلى أن يتعثر فتدوسه الأحذية بلا رحمة كأنها استقوت عليه و نسيت فضله عليها .
و
جامع الأزبال منظف المدن ، مهندس الصحة كما يلقب في عالم الخيال، يجوب الطرقات و الأزقة مزيلاً كل شيء نقرف منه و لا نطيق رائحته و عندما يمرض يطالب بالتسديد كأنه هو من سبب هذا لنفسه .
و
الفلاح الصغير الذي يرابط بأرضه ، يرعاها منتظراً أن تخلصه من ديونه لكن عندما يعم القحط يحوم حوله المنقذون ليتخلى عن أرض مقابل حريته
ثم يعيش مسجوناً في أرضه يعمل فيها بعدما كان مالكها .
و
رجل الأمن البسيط الذي على عاتقه يحمل أمن البلاد و عند بروز الإحتجاجات و الإضرابات يجد نفسه في مواجهة أناس كان يتمنى أن يكون بجانبهم
و
المقاوم الشريف الذي ناضل من أجل حرية بلاده ، لاحظ متأخراً أن مستعمراً يحمل نفس الدم سكن كل شبر و كل مكتب
و
المثقف الغيور على هوية بلاده يجد نفسه في أخر صف كل تكريم لأن الصفوف الأولى محجوزة مسبقاً
...
أنا من يذهب إلى الإدارات و ينتظر بالساعات مصلحة تقضى في لحظات
أنا من يركب الحفلات التي تداس فيها الأقدام و القلوب ، يضطرب و يخجل و يغضب ... لكنه يحمد الله على نعمة الركوب بدل الإنتظار
أنا ذلك الشخص السادج الذي يتسابق إلى الأسواق قبل المناسبات و الأعياد كأنه دائماً يأتي متأخراً ، لا يحترم الأوقات !!
أنا الذي يحن إلى آخر الشهر أحيانا لقبض الأجرة و أحيانا سئماً من الإيام و الحياة
أنا الذي أسمع الوعود و الشعارات و مع ذلك أواصل مسيري ليقيني بأنها خرافات
أنادى آلاف المرات يا فلان يا ...
لكني لا أبالي بكثرة بالنداءات ، فأنا لدغت و لن أخدع مرة أخرى